حفلات الزفاف بصنعاء: داعشية الحوثي تسرق أفراح الناس

تقارير - Sunday 01 March 2020 الساعة 10:55 am
صنعاء، نيوزيمن، باسم علي:

لم يكن أحد ليتخيل أن يدخل قاعة أفراح يقام فيها حفل زفاف لأحد الشباب في العاصمة صنعاء ليجد نفسه وسط مجاميع تردد صرخة الموت الحوثية بدلاً عن ألحان وأغاني الأفراح التي درج اليمنيون على إتمام أفراحهم وخصوصاً حفلات الزفاف بها.

في العاصمة صنعاء بات سطو مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، على قاعات الأفراح أمرا معتادا حيث القوة والقمع والترهيب أساليب تستخدمها المليشيات لفرض سياساتها كأمر واقع كما هو الحال في فرض نفسها كسلطة أمر واقع.

سطو حوثي على حفلات الزفاف
في إحدى القاعات بشارع الرباط، حيث كان أبو محمد يقيم حفل زفاف لابنه فوجىء بمجاميع من الشباب تدخل إلى القاعة في وقت مبكر ومعها أدوات الفرقة الإنشادية وحين سألهم من أنتم؟! أجابوا: نحن أنصار ربي جئنا لمشاركتكم حفل الزفاف.
يقول أبو محمد لنيوزيمن: لم أدر ما أفعل، فأنا سبق واتفقت مع فرقة عزف لإحياء حفل زفاف ابني، لكن هؤلاء الجماعة دخلوا القاعة هكذا دون سابق إنذار، ولم يكن بمقدوري أن أطردهم، وتجنبا لافتعال المشاكل أخبرتهم أنني قد تعاقدت مع فرقة موسيقية ستحيي حفل زفاف ابني ودفعت لهم العربون، فردوا عليا: ابنك هو صديقنا ونحن جئنا لنحيي حفل زفافه بطريقة تناسب ما نعيشه من عدوان وحصار، وما عليك سوى الاعتذار للفرقة التي قد تعاقدت معها ونحن سنقوم بالواجب وبدون أخذ أي مقابل.
يضيف أبو محمد: وبينما كان أعضاء فرقة المليشيات يذهبون لأخذ مكانهم في وسط القاعة كان أحدهم يواصل الحديث معي ويخبرني أنه يجب أن أكون عند مستوى المسؤولية تجاه الوطن والشعب وأن أشارك في الجهاد ولو بإحياء روح الصمود وتحويل حفل الزفاف إلى مناسبة لإثارة حماس الناس ضد قوى العدوان ومرتزقته والمنافقين، مختتما كلامه لي: ألم تسمع فتوى مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين التي حرم فيها الغناء خصوصاً ونحن في حالة حرب.
وخوفاً كما قال أبو محمد من أن يؤدي الخلاف مع فرقة المليشيات الحوثية إلى افتعال مشاكل وإفشال حفل زفاف ابنه الذي انتظره طويلاً لم يكن أمامه سوى الرضوخ والاذعان للفرقة التي حولت حفل الزفاف إلى ساحة لترديد الزوامل الخاصة بمليشيات الحوثي، وترديد صرخة الموت الحوثية، وهو الأمر الذي تسبب كما قال أبو محمد في اضطرار الناس إلى الخروج بسرعة من القاعة بمجرد المباركة لنجله تعبيرا منهم عن رفضهم لما يحصل.
يختتم أبو محمد: حتى إن أحد اصدقائي حين وصل باب القاعة وصافحني وسمع صرخة الموت عاتبني وقال: احنا في فرح أو في جبهة الجوف.. الله المستعان لم أتوقعها منك.. فما كان ردي عليه سوى الاعتذار والقول: والله لقد فرضوا عليا هذا بالقوة.


ترهيب للعرسان والفرق الموسيقية
قصة أبي محمد هي نموذج لما تمارسه مليشيات الحوثي اليوم في العاصمة صنعاء بحق الناس من انتهاكات وممارسات قمع ومصادرة للحريات، واستغلال أفراحهم وملتقياتهم لصالح نشر فكرها وثقافة الموت التي لا تجيد سواها.
وتستغل مليشيات الحوثي صداقة بعض عناصرها مع الشباب الذين يقبلون على الزواج للضغط عليهم وحضور حفلات زفافهم وتحويلها إلى ساحة معركة لبث زواملهم وترديد شعارهم الداعي للموت، وفي أحيان أخرى فإن سطوة مشرف المليشيات في أي حارة تكون سببا في فرض الأمر على أي حفل زفاف لأي شاب من أبناء الحارة بذات الطريقة.
وفي سياق ذي صلة عمدت مليشيات الحوثي إلى إرسال عناصرها إلى حفلات زفاف الشباب وجعلهم يرددون صرخة الموت عنوة، فيما ألزمت بعض الفرق الموسيقية الخاصة بإحياء حفلات الزفاف بترديد بعض الزوامل التي تؤيد المليشيات وقياداتها.
وتسببت ممارسات المليشيات الحوثية التي ترغم الفرق الموسيقية والفنانين الذين يحيون حفلات الزفاف في مضايقة الكثيرين منهم، حيث هاجر معظم الفنانين الشباب الذين كانوا يحيون حفلات الزفاف في العاصمة صنعاء إلى الخارج، فيما أغلق بعض ملاك الفرق الموسيقية محلاتهم، واضطر آخرون للتجاوب مع مطالب المليشيات الحوثية والسير في ركابها وترديد بعض زواملهم في الحفلات حفاظاً على مصادر أرزاقهم.

العلم والنشيد الوطني بمواجهة صرخة الموت
في المقابل فإن بعض الناس الذين يرفضون سياسيات المليشيات الحوثية عمدوا إلى مواجهة هذه الإجراءات بأخرى معاكسة لها، حيث يحرصون على افتتاح حفلات زفاف أولادهم أو أقاربهم برفع الأعلام الوطنية في قاعات الزفاف وافتتاح الحفل بترديد النشيد الوطني كنوع من التعبير عن رفضهم لصرخة الموت الحوثية ومساعي المليشيات لمصادرة أفراحهم وتحويلها إلى معركة حربية.
وتعد ظاهرة تعليق العلم وترديد النشيد الوطني في حفلات الزفاف أسلوبا مبتكرا لم يكن يستخدمه أحد من قبل في هكذا حفلات إلا مع ظهور مليشيات الحوثي وبدئها في فرض توجهاتها وأفكارها على الناس وسعيها لمصادرة حقهم وحريتهم في طريقة وأسلوب إقامة أفراحهم.
ويقول سليم محمد، وهو صاحب محل خاص بتجهيز حفلات الزفاف لنيوزيمن: إن أول مرة طلب منه زبون تعليق العلم وترديد النشيد الوطني في حفل زفاف ابنه كان مفاجئاً له، مضيفا: سألت الزبون ولماذا تطلب مني ذلك؟ فرد على الفور: أليس هذا تعبيراً عن حب الوطن؟! أم أن ترديد صرخة الموت هو الوطنية.. فما كان مني إلا أن وافقته ولبيت طلبه الذي كان بمثابة فكرة جديدة ورائعة بالنسبة لي تكررت فيما بعد في أكثر من حفل زفاف.