خطباء الحوثي ومعارك تحرير القدس والسعودية ونشر كورونا.. طه المتوكل وإخوانه

السياسية - Tuesday 02 June 2020 الساعة 11:12 pm
صنعاء، نيوزيمن، فارس جميل:

تنشغل صنعاء بدفن جنازات أبنائها اليومية غير المسبوقة، بينما اللوحات العملاقة لهيئة الزكاة ومكتب الأوقاف التي تطالب الناس بدفع الأموال، تملأ شوارع المدينة بإصرار عجيب.

أما وزير صحة الحوثي، خطيب الجمعة العجيب طه المتوكل، المفترض أن يكون مسؤولا عن مواجهة الوباء في مناطق سيطرة جماعته فحديثه وبيانات وزارته لا تختلف عن محتوى خطبة الجمعة التي يقدمها، فهو يتهم أدوات فحص فيروس كورونا المقدم من منظمة الصحة العالمية بأنها لا تقدم نتائج حقيقية، أي أنه عاجز عن تشخيص الحالات المصابة بالفيروس، لكنه في نفس الساعة وعد بأن يقدم كادر وزارته الصحي علاج الفيروس للعالم!!

ليس من لعبة مفضلة للحوثيين أكثر من اتهام المنظمات والدول والأفراد بأي تهمة يمكن أن تخلي مسؤولية الجماعة عن المواطن اليمني المنكوب بها، فقد سبق اتهامها لبرنامج الغذاء العالمي بأنه يقدم أغذية فاسدة ومنتهية الصلاحية للمستفيدين، ثم تبين أن مشرفي الجماعة يقومون بمنع موظفي البرنامج من توزيع تلك الأغذية، لتظل في المخازن لفترة طويلة تنتهي فيها صلاحيتها وتفسد قبل توزيعها، والغريب أن البرنامج لا يصدر حتى بيان لتوضيح الحقائق، حتى عندما يقوم مشرفو عبدالملك بسرقة مخازنه، وهذه المرة تكون الأغذية غير فاسدة بالطبع.

اتهام المتوكل لمنظمة الصحة العالمية يأتي في هذا السياق، بعد أن أصدر مجلس التنسيق التابع لعبدالمحسن الطاووس نداء استغاثة للمنظمات ذاتها التي يقول عبدالملك إنها تعمل على تجويع اليمنيين، ويرفع لها قائمة طلبات طويلة وكأنها قائمة تسوق مدفوعة، وهذه الوقاحة أذهلت العالم كبراءة اختراع تفرد بها عبدالملك الحوثي وجماعته، وهناك مثل شعبي قديم يصف هذه الوقاحة بكلمتين "مطلب، ويتشرط"، أي متسول يفرض شروطا معينة على الصدقة التي ستمنحها له، وكأنه صاحب حق!!

مقبرة خزيمة، أشهر مقبرة في العاصمة أعلنت إغلاق أبوابها أمام الموتى نتيجة لامتلائها، بعد أن استقبلت ما يمثل 500% من المعدل اليومي لها في الأيام الأخيرة، لكن المتوكل الذي اكتفى في مؤتمرين صحفيين بالحديث عن أربع حالات مصابة بفيروس كورونا بالعاصمة، عاد ليقول إن نسبة الشفاء بلغت 80%، بينما هو في الواقع لا يمتلك أية أرقام حقيقية عن أعداد المصابين والمتوفين منهم، فقد فضل الناس الموت في منازلهم خوفا من إجراءات الجماعة التي ترسل أطقما من الأمن بدلا عن أطقم الإسعاف، للقبض على المصابين وكأنهم مجرمين.

زملاء طه المتوكل من خطباء الجمعة كان موضوعهم تحرير القدس من اليهود في آخر جمعة من رمضان، وفي أول جمعة من شوال كان موضوعهم تحرير الحرمين الشريفين من حكام السعودية، فالجماعة التي فرضت على الناس كل شيء بالقوة حتى خطباء المساجد، لديها اهتمامات مختلفة عن الشعب اليمني، ووظيفة هؤلاء ترديد ما يأتي من خطابات صاحب الكهف، أو توجيهات مشرفيه، ما أدى لعزوف الناس عن صلاة الجمعة أغلب الأحيان.

حتى كبيرهم صاحب الكهف، قدم خطابا يوم الـ22 من مايو خصصه لتحرير القدس، فهذا الأمر في صلب الدعاية التي تقوم عليها الجماعة كدرس إجباري من طهران ما زالت تستثمره منذ ثورة الخميني في 1979، بينما طهران نفسها تآمرت مع أمريكا التي تصفها بالشيطان الأكبر لإسقاط نظام صدام حسين، وهو النظام العربي الوحيد الذي قصف إسرائيل ذات يوم، وبينما يزايد الحوثي وجماعته باسم الوحدة اليمنية فقد ترك عبدالملك هذا الموضوع الهامشي لمهدي المشاط مدير مكتبه السابق الذي عينه رئيسا للمجلس السياسي الأعلى، أي رئيسا لليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة القهرية على اليمنيين، وهذا الأمر أيضا مستنسخ من تجربة طهران، حيث المرشد الأعلى يتحكم بتعيين الرؤساء، ولو جرت انتخابات صورية فهي تجري بين أسماء وافق المرشد على ترشحهم، وله وحده الحق في ذلك وليس الشعب الإيراني.

تبدع الجماعة في مجالات أخرى غير التنصل من مسؤوليتها، أو اتهام الآخرين بالتآمر عليها وعلى اليمنيين، أو حتى تميزها الكبير في فنون سرقة الأموال، فهي دائما تقتحم أبوابا جديدة لم يسبقها إليها أحد، ومن المعيب أن نغفل نوعا آخر من اللوحات العملاقة التي تنشرها في الشوارع، إلى جانب لوحات الزكاة والأوقاف.

منذ منتصف رمضان ظهر نوع جديد من اللوحات الدعائية في الشوارع، عليها رسمة لكاميرة مراقبة، وبجانبها رقم خاص بجهاز الأمن والمخابرات، تطلب من المواطنين الإبلاغ عن أية موضوع يخص الأمن، ويبدو أنه سيتم استخدام الرقم في الإيقاع بكل معارضي الجماعة، أو حتى من لا يرضى عنه سفهاؤها في أحياء العاصمة.

خلال إجازة عيد الفطر، وبينما كانت الجماعة تنكر وجود حالات وفاة بفيروس كورونا، تم تسريب مقطع فيديو عن وجود 400 حالة إصابة في مستشفى الكويت وحده، مع أن الأمر واضح من تزايد نشاط المقابر بشكل غير مسبوق، وتحول صفحات الفيسبوك إلى صالات عزاء يومية، لكن المشافي ترفض استقبال أية حالة إلا تلك التي يكون مصيرها مستشفى الكويت أو مستشفى زائد وهذا الأخير يطلب رسوما خيالية من المرضى، رغم هذا كانت الجماعة تنشر سيارات الشرطة والنجدة في كل الشوارع وكأنها تستعرض عضلاتها على المواطن المقهور بقمعها وفسادها.

هذا هو حال العاصمة صنعاء، كون وزير الصحة هو خطيب جمعة، وعضو في جماعة طائفية مسلحة، وزعيم الجماعة التي تتحكم في مصير المواطنين العزل كسلطة أمر واقع مجرد مقلد رديئ لنسخة طائفية أخرى في طهران، والرئيس الذي يعترف به العالم مجرد نزيل في قصر ملكي بالرياض، وأعضاء حكومته مجرد نزلاء فنادق خمسة نجوم في المملكة، واليمن التي يتحدث الكل باسمها واسم أبنائها مجرد ساحة لتصفية حسابات إقليمية ودولية بأذرع وأدوات يمنية الجنسية وممسوخة الهوية.