"الرمعي والموسمي" في رحلة إلى زقر.. شربنا ماء البحر واحتفل حماة السواحل بعلم الجمهورية - فيديو

السياسية - Friday 21 August 2020 الساعة 10:28 pm
نيوزيمن، كتب/ عادل الهرش:

بتوجيهات من قائد المقاومة الوطنية العميد طارق محمد عبدالله صالح، سافرنا يوم 9 أغسطس 2019 كفريق زائر لأبطال خفر السواحل الذين بدؤوا إعادة الانتشار على الجزر اليمنية في البحر الأحمر حينها.

عصراً التقينا في إحدى نقاط قوات خفر السواحل في المخا، الشهيدان العقيد صلاح الموسمي وأحمد الرمعي، وعدد من الضباط وأنا، واستقللنا زورقا من زوارق حماة الشواطئ أبطال خفر السواحل.. وكان الهدف هو "جزيرة زقر".

وسط الموج الهائج أمطرتنا السماء، وصرنا نسافر فوق الماء وتحت الماء أيضا، واحدة من ذكريات لن أنساها مع اخوة الجهد والجهاد..

كان الرمعي بصوته الهادئ الممتلئ يقينا وبساطة، يقول لنا: شوفوا بلادكم ما اوسعها.. هي أكبر من الحوثي الذي سيضيعها ما لم تحرروا عاصمتها وتعيدوا لها دولتها.

وبعد رحلة شاقة امتدت حتى منتصف الليل بسبب الاحوال البحرية، وصلنا زقر، وكل منا يبحث عن مكان يستريح فيه، حتى صباح الغد.

استيقظنا فجرا، ونحن نتأمل بعض وطننا داخل البحر، وطن ممتد كان يحلم باستمرار البناء وهو اليوم يستدعي فينا واجب الحماية والثورة والتحرير.

باكراً بدأنا أنا وأحمد الرمعي، بصحبة أحد المصورين، وأحد زملائنا الضباط المقيمين جولة في الجزيرة بسيارته.

وصلنا جهة الغرب ظهر ذلك اليوم، فتعطلت بنا السيارة، وعشنا فصلا خاصا لن ينسى، واكتبه اليوم اهداء لروح الأستاذ أحمد الرمعي الذي غادرنا ملتحقا بالشهيد صلاح الموسمي الذي سبقنا جميعا إلى رضا الله ورضوانه مقبلين على معركة جمهوريتهم ودينهم ووطنيتهم.

>> صلاح الموسمي شهيداً.. "ديسمبريّ" إلى النَفَس الأخير


>> في وداع صانع الابتسامة.. الوسط الصحفي ينعي الزميل الرمعي

بعد أن فشلنا في اصلاح السيارة، قررنا ابلاغ العمليات عبر اللاسكي بما حدث، وساعتها ادركنا أننا في مغامرة كبرى لم نرتبها.

فجبال الجزيرة تمنع اجهزة اللاسلكي التي لدينا من الاتصال ببعضها.

حاولنا مرارا وتكرارا ان نبلغ غرفة العمليات بالجهاز اللاسلكي ولكن بث الإرسال لم يصل.

فقررنا اعتبار ذلك تحدي إرادة، وبرنامج تدريب على التحمل.. وانصرفنا لأنشطة بين سباحة وتجوال ونقاش، وكان الأهم هو زيارة سفينة روسية سرد لنا الرمعي معلوماته عنها وعن زقر، وحصلنا على واحدة من أجمل حصص التاريخ على لسانه وبسرده الجميل.

السفينة (اوشن بريز) الجانحة قرب المياه الإقليمية منذ عام 2001م.

وحين دخل وقت الغروب، احسسنا بالجوع والعطش وقد نفد ما معنا، فقام صديقي احمد الرمعي بفتح خزان الماء في مكينة السيارة لنشرب منها ولكن المياه كانت صدئة.

ذهبنا معاً إلى ساحل البحر وشربنا منه بملحه، وفي تلك اللحظة وبعد أن غرف الرمعي بيديه وشرب من مياه البحر رآني وانا متردد فقال لي: اشرب يا اخ عادل وذق مياه بحر بلدك لكي يكون بينك وبين البحر الأحمر عيش وملح، وهو يضحك.

وجدنا كوخا لصيادين، فحركت شباك صيد كانت هناك فطار منها التراب فقلت له انا اسف يا استاذ. قال ليش تتأسف يا ابني هو تراب بلدك إن هربت منه اليوم ستتغطى به غدا حين تموت.

ثم دلنا الضابط على مكان فيه أشجار لم اعد اتذكر اسمها، وتبادلنا الضحكات ونحن نأكل منها ما لا نعرف ما هو، لكنه الجوع.

عدنا الى مكان تعطل السيارة وقد جن الليل وبدأنا برنامجا من الثقافة والطرافة، نساعد انفسنا على التصبر وانتظار زملاء المهمة الذين سيكونون قد بدؤوا البحث عنا حين تسبقنا اليهم ساعات الغروب.

وعند الساعة الثانية عشرة ليلا وصل الينا الزملاء على متن طقم خرجوا للبحث عنا، واول ماسألنا عنه هو الاكل والشراب، فاعطونا إياه لنستعيد عافيتنا، وعدنا بعدها إلى مقر قيادة الجزيرة معا.

وعند الساعة الثالثة فجراً من صباح يوم 11 أغسطس أيقظني الأستاذ أحمد الرمعي من النوم وقال لي يا الله هات العلم الذي عندك ونروح نركبه في السارية عيب علينا نبكر نصلي العيد ونجتمع كلنا والعلم ليس في مكانه فقمت وذهبنا معا وجهزنا السارية، وعدنا نوقظ الجميع وادينا صلاة العيد وراية الجمهورية اليمنية تخفق فوق رؤوسنا.

وعند الظهيرة تحركنا ثلاثتنا انا والموسمي والرمعي الى اماكن تواجد الجنود وجلسنا معهم، واستمعنا لمحاضرة عظيمة من الشهيد صلاح الموسمي، ثم ساهمت بما لدي مؤمنا بالواجب وبالجهاد، وحين جاء دور الرمعي حدثنا جميعا عن الشرف الذي نناله ونحن نحرس حدود اليمن وسط البحر الأحمر.

حينها قام الأخ صلاح الموسمي وشغل جهاز mp3 ورقصنا نحن والجنود على الأهازيج والاناشيد والزوامل.

وقضينا عيدا مكتملا..

وشهادة لله أن الرفيق المرحوم أحمد الرمعي وبرغم أنه أكبر مني سناً فقد كان أكثر مني حيوية ونشاطا ومرحا، وطوال تلك المهمة التي جمعتني به ولم يتوقف لحظة وهو يصور ويوثق بكاميراته.

نم قرير العين يا أستاذي..

فلقد شربت من مياه البحر وأكلت من الأشجار، وها أنت تلتحف ترابها.

رحمك الله يا صديقي العزيز وأسكنك فسيح جناته..