كابوس صالح يفتك بالكهنوت الحوثي.. فكرة مخيفة وذاكرة عصيّة على المحو (1-2)

تقارير - Sunday 11 October 2020 الساعة 10:41 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير تحليلي:

بعد قرابة 3 أعوام على مقتله ما يزال الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، كابوساً وهاجساً ثقيلاً يؤرق مضاجع الكهنوت الحوثي، ولا يزال فكرة حياة، وثقافة دولة، وطقوساً يمانية خاصة عصيّة على المحو أو النسيان من الذاكرة الجماهيرية والوجدان الشعبي والحضور العربي والدولي والإقليمي الواسع.

يُجهد خبراء مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- ومستشاروها الأجانب في مجال الإعلام والسياسة أنفسهم، بمشاركة خبراء "الإخوان" في قناة الجزيرة، لاختلاق القصص المفبركة والهزيلة بهدف النيل من صالح، كما لو أنه ما يزال حيّاً يُرزق، وما يزال عائقاً أمام مشاريعهم ومخططاتهم الظلامية العنصرية المقيتة التدميرية لمفهوم وفكرة الدولة العربية القوية.

ذكريات شجيّة لأيام صالح

يفعلون ذلك بقصد الإساءة للرجل والمساس بمواقفه العلنية العدائية ضد الكيان الصهيوني، ورصيد نظامه ودولته وحكوماته العملي مع حقوق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وهم في ذات الوقت ينهبون ممتلكات جمعية كنعان لفلسطين -إحدى منظمات المجتمع المدني في اليمن التي أنشئت في عهد نظام صالح- ويوقفون أنشطتها الرامية لمناصرة ودعم الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه وتحرير أراضيه المحتلة.

>> خفِّف السرعة يا سريع.. تجنيس 60 ألف إسرائيلي "حشيش حوثي أصلي"

إخراج بائس لقصة محاولة "تجنيس 60 ألف إسرائيلي من أصول يمنية" وتسويق محدود لأتباع مليشيا الحوثي ومنتفعيها، بغية الإساءة للرجل، غير أنّ صدى القصّة ارتدّ على المستوى الشعبي والجماهيري حنيناً وذكريات شجيّة لأيام صالح وعهد وسياسة وتطبيع واتفاقيات ومؤتمرات وحضور ودهاء وعناد ومراوغة وكلمات وزمن صالح، وفلسطين أيام صالح.

"إذا كان صالح أراد تجنيس 60 ألف إسرائيلي من أصول يمنية، فسلام الله عليه"، هكذا يُعلقّ عبدالله مرغم -سائق باص في صنعاء- معتقداً أن الرئيس صالح أراد بذلك إيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية، بإعادة اليهود إلى بلدانهم الأصلية وبالتالي تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ومع هذا الرأي يتّفق صالح النهمي -50 عاماً، متقاعد- الذي يعتقد هو الآخر أنه "لو كل دولة أعادت اليهود المرحلين منها إلى فلسطين لحلّت القضية الفلسطينية"، متذكراً في هذا السياق أن فكرة قيام دولة إسرائيل قائمة في الأساس على تجميع اليهود من بلدان الشتات إلى فلسطين.

خطاب صالح في قمّة سرت الليبية

يتذكّر الناشط على شبكات التواصل الاجتماعي، ماجد زايد، حضور الرئيس علي عبدالله صالح، خلال القمة العربية بمدينة سرت الليبية، حينما خاطب الرؤساء والملوك في ذروة الملل بلا أوراق مكتوبة مسبقًا قائلا: "أدعوكم لإنشاء الاتحاد العربي، تمامًا كالاتحاد الأوروبي، كالإئتلاف الإفريقي، كبقية العالم، دعونا نقيم جيشًا رادعًا لإسرائيل، جيشًا عربيًا للجميع".

مشيراً إلى أن الرئيس صالح كان يتحدث في قمّة الرؤساء بلغته العامية، يشرح التفاصيل الكبيرة بلهجة عادية، وقف الجميع يصفقون له، كانوا يردّدون في القاعة بصوت واحد يقول: "شعب عربي واحد، شعب عربي واحد".

ويضيف ماجد زايد متذكراً اللحظة: "هذا صالح وتلك خطاباته ما زالت في كل مكان لم تمح أو تنس، كان دائمًا يتحدّى إسرائيل كعدوها اللدود، ويصفها بالصلف الصهيوني المعادي"، مؤكداً: "لا أحد يستطيع محو الذاكرة، ذاكرة الشعب المتتبع لكل مآثر الرجل، إرثه القديم ولحظاته تلك تتدفق بشراهة وتناسخ كبير إلى المواطنين ومن تلقاء أنفسهم".

تواصل حضاري وارتباط تاريخي

عامل البناء علي اليريمي يرى من جانبه أن لا أحد خدم إسرائيل مثلما فعل الحكام الذين جاءوا بعد 2011م "بعد الفوضى الخلاقة"، فهي خلاقة لإسرائيل وأعداء الأمة العربية والإسلامية. وفي حديثه إلى (نيوزيمن) يعتقد اليريمي أن اشتعال الحروب وتفاقم الأزمات في عدد من البلدان العربية مثل اليمن وسوريا وليبيا يعد ذلك "أكبر خدمة لإسرائيل".

معتبراً ذلك بمثابة خيانة للقضية الفلسطينية "كان لدينا قضية فلسطينية واحدة، اليوم لدينا قضايا فلسطينية في كل دولة عربية"، مشيراً إلى أن قضية تجنيس اليهود هي قضية تاريخية بدأت بترحيلهم من اليمن الشمالي أيام النظام الإمامي الاستبداي قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م، بواسطة بريطانيا وأمريكا في عمليات ترحيل أسميت "بساط الريح"، وقال: "إذا كان الرئيس صالح أراد إعادة 60 ألفاً منهم فذلك يحسب له"، معتبراً أن بقاء هؤلاء في اليمن كموطن أصلي لهم حق قانوني وإنساني ورمزية لقيم المجتمع اليمني في الحرية والتعايش والارتباط الحضاري والإنساني.