صحيفة أميركية: هكذا تنمو مزارع المخدرات قرب مقار حزب الله بلبنان

العالم - Tuesday 20 October 2020 الساعة 10:17 am
نيوزيمن، نيويورك تايمز:

ينمو نبات القنب (الحشيش المخدر) في كل مكان في قرية زراعية بالبقاع اللبنانية ذات تربة صخرية وفيلات حجرية.

وبحسب تحقيق موسع نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، تملأ الحقول المزروعة بالقنب قرية اليمونة وخطوط الطرق المجاورة لها، حيث يقيم الجيش اللبناني نقاط التفتيش. 

وينبت القنب في البقع العشبية بين المنازل وتختلط مع أزهار ملونة أخرى من صنف الزهور.

ويوجد أيضا محصول من القنب بالقرب من المسجد، وعلى الطريق بالقرب من علم أصفر ضخم تابع لإحدى مقار ميليشيا حزب الله.

ويبلغ عدد سكان اليمونة نحو 5000 نسمة، في قاعدة جبل في سهل البقاع، وهم من الشيعة. 

ويحمل الجميع تقريبًا نفس الاسم الأخير وهو الشريف. 

كما استقر حوالي 1200 سوري في المنطقة للبحث عن عمل والهروب من الحرب عبر الحدود.

سبب تقنين زراعة القنب

وعلى الرغم من أن الحشيش، وهو مخدر يحتوي على مستويات عالية من THC أو رباعي هيدروكانابينول، غير قانوني ويحظر إنتاجه وحيازته وبيعه في لبنان، فقد أصدرت الحكومة في وقت سابق من هذا العام قانونًا يُشرع بعض زراعة القنب للأغراض الطبية. 

ولكن لم يتم تطبيق القانون بعد، ولا يزال القنب المزروع في اليمونة غير قانوني.

ثالث أكثر مُورد في العالم

ووفقًا لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة فإن إنتاج الحشيش في اليمونة، بالإضافة إلى مجتمعات أخرى جعل لبنان ثالث أكبر مورد للحشيش في العالم، بعد المغرب وأفغانستان.

ويشير رئيس البلدية - رئيس المجلس القروي المنتخب، طلال الشريف، إلى الأيام الخوالي عندما حاولت الحكومة اللبنانية، بتمويل من الولايات المتحدة، القضاء على زراعات القنب وتجارة الحشيش، وأرسلت جنودًا لحرق الحقول، مما أدى لاندلاع اشتباكات مع المزارعين المسلحين. لكن تلك الجهود شهدت إهمالا رسميا منذ حوالي عقد من الزمان.

واستطرد الشريف شارحًا موقف السلطات اللبنانية قائلًا: "لقد وصل الأمر إلى حالة أدركوا فيها، أن الفقر هو السبب وراء ممارسة تلك الأنشطة وأنهم ربما قالوا: دعونا نترك هؤلاء الناس وشأنهم ونتصرف وكأننا لا نراهم.

وكانت إدارة مكافحة المخدرات الأميركية أطلقت في العام 2008، "مشروع كاسندرا" وهو اسم العملية الأمنية التي أدت إلى كشف الشبكة التابعة لحزب الله المتورطة في عمليات تهريب المخدرات إلى أميركا وأوروبا، وذلك لمتابعة حيثيات تورط حزب الله في تجارة المخدرات.

وتقول السلطات الأميركية إن هذه التجارة تحولت لوسيلة لتمويل أعمال مليشيات حزب الله المختلفة من أميركا اللاتينية إلى الولايات المتحدة ومنها إلى أوروبا مرورا بإفريقيا والشرق الأوسط.

في حين اعتبر رئيس قرية اليمونة، جمال الشريف، القنب "شجيرة مباركة".

ولكن للمرة الأولى منذ أن بدأ زراعة الحشيش قبل عقدين من الزمن، لم يقم الشريف بزراعة القنب هذا العام لأن سلسلة من الأحداث قضت على معظم الأرباح التي كانت تأتي مع المنتج الرئيسي للقرية، وهو الحشيش المستخرج من النبات، وبدلاً من القنب والحشيش بات يركز على التفاح.

والآن تهدد الأزمة الاقتصادية في لبنان بفعل ما لم تفعله سنوات من الغارات العسكرية وجهود الحكومة لمكافحة المخدرات وهو خفض إنتاج الحشيش.

فبينما يتذكر المزارعون باعتزاز الأيام التي كان فيها كيلوغرام من الحشيش يجلب بسهولة بين 500 دولار و800 دولار - والسنوات القليلة التي ارتفع فيها السعر فوق 1000 دولار - يخشى المزارعون من أن أرباح منتج هذا العام قد تنخفض إلى حوالي 100 دولار لكل كيلو غرام، أو حوالي 45 دولارا للرطل.

ويفيد جمال الشريف إن السبب الحقيقي للأزمة هو واقعي أكثر، حيث فقدت الليرة اللبنانية 80% من قيمتها مقابل الدولار الأميركي منذ الخريف الماضي، وتضرر المزارعون. وارتفعت تكاليف استيراد الوقود والأسمدة اللازمة لزراعة محصول القنب، في حين انخفضت قيمة الليرة اللبنانية التي يكسبها المزارعون من بيع الحشيش أكثر فأكثر.

كما أدت الأزمة المالية في لبنان إلى تقويض السوق المحلية للمخدرات، وأدت الحرب في سوريا إلى تعقيد طرق التهريب، مما جعل من الصعب على الوسطاء الوصول إلى الأسواق الخارجية.

خيارات مؤلمة

وترتب على تلك التداعيات اتخاذ خيارات مؤلمة في اليمونة، وهي قرية صغيرة خلابة في جيب مهمل من لبنان حيث تلتقي المخدرات والفقر والجمال الطبيعي المذهل بطرق غير متوقعة.

وساعد الحشيش المستخرج من النبتة وبيعه للمهربين الذين يخرجونه من البلاد أكثر من أي محصول آخر في خروج سكان القرية من الفقر المدقع. 

كما وفرت المخدرات دخلاً موثوقًا لا توفره محاصيلهم القانونية الأكثر تقلبًا، مثل التفاح والبطاطس، ومولت توسعات المنازل وشراء الشاحنات وتعليم الأطفال.

أما اليوم فإن أرباح تجارة الحشيش أصبحت قليلة للغاية لدرجة أن بعض المزارعين في اليمونة يشكون من جدوى زراعته وإنتاجه.

ويختم الشريف بالقول: "لقد انتهى الأمر.. الآن زراعة الحشيش هواية."