غابت الدولة فحضرت المبادرات المجتمعية.. أهالي الأشروح ومدهافة يستلهمون دور الأجداد بشق طريق بمنحدر جبلي غرب تعز

متفرقات - Saturday 06 March 2021 الساعة 01:30 pm
تعز، نيوزيمن، خاص:

على منحدر صخري شديدة الوعورة، يضع البناؤون الأحجار في صف مائل، لجعل مركبات النقل تعبر بسلام، فيما كانت الغيوم التي تغطي نصف قمم الجبال، تضيف إلى الأجواء الشتوية الباردة، سحرا إضافيا إلى ذلك المكان الذي يشهد واحدة من أكبر المبادرات المجتمعية غرب محافظة تعز.

في الأسبوع الأخير من فبراير الماضي، كان العمال ينقلون أحجار البناء الثقيلة ذات الألوان الزهرية، وهم يرددون ترانيم جميلة كما لو أنها تمنحهم القوة للتغلب على أجواء العمل الشاق في ذلك الطريق الجبلي الذي يدعى نقيل "ذي ليمة".

وفي الجهة المقابلة، كان أحمد عبدالله البكاري، يراقب سير العمل، فهو ليس مشرفا فقط على المشروع، وإنما مسؤول أيضا عن جلب التبرعات المالية من أجل استمرار العمل في ذاك الطريق الحيوي، بعدما أغلقت مليشيا الحوثي أغلب الطرق الريفية غرب المحافظة.

جميع العاملين ومشرفيهم يعملون بشكل طوعي، وهم جزء من مبادرة مجتمعية، فحينما غابت الدولة وانحسر دورها، حضرت المبادرات بقوة كتلك التي يقوم بها عبدالله ورفاقه بقريتي الأشروح وبني بكاري، حيث برزت للواجهة مستلهمة دور الأجداد الذين نفذوا مشاريع عدة في أعقاب ثورة الجمهورية، لتغدو اليوم كما لو أنها نهج ينبغي اتباعه.

يقول عضو اللجنة المنفذة للمبادرة المهندس خليل الحاجبي، لنيوزيمن، إن المرحلة الأولى تم الانتهاء منها بنسبة 85 بالمائة عبر التوسعة وإعادة الشق، فيما المرحلة الثانية تم إنجاز 30 بالمائة عبر توفير أحجار البناء، وبناء جدار ساند بطول 60 مترا ومتوسط ارتفاع 3 أمتار.

يؤكد الحاجبي، على أهمية التمويلات المالية لاستكمال المشروع، "نحن بحاجة إلى دعم رجال الأعمال والسلطات المحلية، إذ إن المشروع بحاجة إلى عدد من المتطلبات التي يلزم تنفيذها" كإحضار معدات أكبر حجما لتوسعة ذلك الطريق الجبلي، نظرا لصلابة الأحجار بالأماكن التي تحتاج لتوسعتها أو لتغطية نفقات التغذية والمياه للعاملين بلا أجر.

مبادرات عدة

ينظر لطريق "نقيل ذي الليمة"، كرابع طريق يتم رصفها بقريتي الأشروح وبني بكاري، فضلا عن مبادرات مجتمعية أخرى في مجال حماية الأراضي الزراعية من السيول وإقامة ملعبين وناديين رياضيين ومشاريع خاصة بالمياه، وهو ما يجعل القريتين، ذات التضاريس الجبلية الصعبة، تتميزان بطابع اجتماعي فريد، إذا ما نظرنا إلى الجوانب التنموية التي قامت بتنفيذها عبر مبادرات غابت في كثير من المناطق.

لكن ما هو محزن هو أن مشروع رصف طريق نقيل "ذي الليمة" والذي يمتد بطول اثنين كيلو ونصف، يواجه اليوم تهديدا بالتوقف، إذ إن التمويلات المالية التي ساهم مغتربو المنطقتين بدفعها، توشك على النفاد بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، وإنجاز 30 بالمائة من المرحلة الثانية عبر بناء جدار ساند بطول 60 مترا في أخطر المنحنيات الصخرية وأكثرها وقوعا للحوادث المميتة.

نقص التمويل كان له صدى كبير واثر سلبي، إذ تعثر العمل في استكمال البناء في الجدار الساند الذي تم البدء به ما دفع الأهالي إلى توجيه نداء عاجل لرجال الأعمال والمغتربين، بالمساهمة في استكمال تمويل المشروع وعدم السماح له بالتوقف في المنتصف.