مجدداً وبعد 7 سنوات.. محافظ الجوف العواضي في مواجهة "إخوان" الجبايات والهزائم

السياسية - Wednesday 14 December 2022 الساعة 07:04 am
الجوف، نيوزيمن، خاص:

بتشابه كبير في السياق واختلاف بسيط بالتفاصيل، يعود مشهد الصراع في محافظة الجوف بين محافظها اللواء حسين العجي العواضي، وجماعة الإخوان التي ترى في المحافظة غنيمة لا يمكن التنازل عنها حتى لو كان الثمن بقاءها بيد جماعة الحوثي، طالما بقيت المحافظة اسماً على الورق يدر على الإخوان أموالاً ونفوذاً. 

التشابه واستذكار تكرار مشهد الصراع بعد أكثر من 7 سنوات، أشار له العواضي في بيانه الأخير الذي أصدره، الخميس الماضي، عقب مرور شهرين على قرار تعيينه للمرة الثانية في منصب محافظ الجوف، دون تمكينه من ذلك، جراء العراقيل التي تمارسها جماعة الإخوان عبر أدواتها بالمحافظة وعلى رأسهم المحافظ السابق والقيادي بالجماعة، أمين العكيمي. 

حيث تحدث العواضي عن رفض الإدارة السابقة للمحافظة التعاطي مع اللجنة المشكّلة من وزارة الإدارة المحلية للاستلام والتسليم بينه والمحافظ السابق، مشيراً إلى ما سبق ذلك من البيان الذي أصدره فرع حزب الإصلاح (الذراع المحلي لإخوان اليمن) بالجوف برفض قرار تعيينه الصادر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي في أكتوبر الماضي، وما تلاه مطارح قبلية. 

العواضي يعيد في بيانه التذكير بما تعرض له من قبل الحزب وقياداته بالمحافظة خلال فترته الأولى كمحافظ من أواخر عام 2014م إلى منتصف عام 2016م، حيث يعتبر ما يحصل له اليوم بأنه "المرة الثالثة التي توضع أمامه العوائق المانعة للعمل في الجوف"، مستشهداً بما تعرض له عقب تحرير عاصمة المحافظة الحزم منتصف عام 2015م، حين توجه إلى المدينة وبالتنسيق مع قيادات الإصلاح بالمحافظة وفي مقدمتهم الشيخ أمين العكيمي المحافظ السابق والشيخ الحسن أبكر ورئيس فرع الحزب حينها عبد الحميد عامر. 

ويكشف المحافظ بأنه عند وصوله أول نقطة حول مدينة الحزم عاصمة المحافظة تفاجأ بمسلحين يعترضون وصوله إلى مبنى السلطة المحلية، وأن القيادات الإصلاحية اقترحت عليه العودة إلى مأرب تحت ذريعة أن دخوله "يستفز الحوثي لفتح معركة وهم مشغولون بمعركة اليتمة"، يضيف العواضي: "وعدنا دون إعلان أو إعلام، حرصا على وحدة الصف ومعنويات المقاومة.. وبعدها بأيام سقطت اليتمة وتلتها الحزم ولبنات وتطلب تحريرها نهاية العام ذاته الكثير من الجهود والتضحيات". 

ما قاله المحافظ يكشف بوضوح -وإن كان لم يفصح عن ذلك- مدى المؤامرة التي حيكت له من قبل قيادات الحزب للإطاحة به من المنصب، عبر استغلال حادثة سقوط عاصمة الجوف وتحميله مسئوليتها، بسبب غيابه عن المعركة وبقائه في مأرب، وهو ما لم يكتب له النجاح بعد تمكن قوات الجيش والمقاومة وبدعم من التحالف من استعادة ما سيطرت عليه مليشيات الحوثي بحلول أواخر العام 2015م. 

فشل الأمر، دفع بقيادات الإخوان إلى اختلاق مبرر جديد تتمكن من خلاله من الإطاحة بالرجل من منصب المحافظ، وكان لها ذلك من خلال استغلال موضوع مبالغ الغرامات التي فرضتها قيادة المحافظة على المحروقات المهربة (والداخلة عبر ميناء المكلا الذي كان حينها تحت سيطرة تنظيم القاعدة) التي تمر عبر الجوف نحو مناطق سيطرة مليشيات الحوثي. والتي خصصها العواضي لصالح أبناء المحافظة، ومنها دعم الجيش وتخفيف معاناة الجرحى ومواساة أسر الشهداء. 

وهنا ارتدت جماعة الإخوان ثياب النزاهة والشفافية، لتشن حملة ممهنجة ضد المحافظ العواضي في هذا الموضوع عبر خلق كيان يقوده عناصرها ويدعى "المنسقية العليا للثورة الشبابية"، كرس للتحريض ضد الرجل تحت لافتة الفساد ونهب عائدات المحافظة، لكنها منذ تغيير العواضي وهي ذات الجماعة التي تسيطر منذ 2015م على العائدات الضخمة لمحافظة مأرب وعلى رأسها الغاز المنزلي دون أن يعرف أحد مصيرها، بل إنها ترفض إلى اليوم توجيهات مجلس القيادة الرئاسي بتوريد كافة إيرادات المناطق المحررة إلى البنك المركزي في عدن. 

بلغ مشهد التحريض ذروته مع قيام عناصر الجماعة باقتحام مكتب المحافظ العواضي أواخر مايو 2016م، كمبرر فقط لإخراج قرارها بالاطاحة به، فقد كانت حينها مسيطرة بشكل تام على القرار داخل الشرعية، وهو ما تم منتصف أغسطس 2016م بإصدار الرئيس السابق هادي قراراً بتعيين الإخواني أمين العكيمي، ليتوقف معه مسار المعارك ضد مليشيات الحوثي، وتنتقل المعركة إلى داخل صفوف الإخوان بالجوف، بعد أن دشن العكيمي معاركه الخاصة لفرض سيطرته على المحافظة والتخلص من كافة القيادات العسكرية والمدنية ذات النفوذ القوي حتى وإن كانت إخوانية. 

حيث خاض العيكمي صراعاً عنيفاً مع قائد المنطقة العسكرية السادسة اللواء الراحل أمين الوائلي، إلى أن تم الإطاحة به بتعيين اللواء هاشم الأحمر بديلاً عنه أوائل 2018م، الذي دخل ايضاً في خلاف مع العكيمي الذي قام بإصدار قرار بإقالة هاشم وتعيين آخر بديلاً عنه، في خطوة أثارت حينها سخرية واسعة من أن يقدم محافظ محافظة على إصدار قرار بتعيين قائد لمنطقة عسكرية، ما عكس حجم الإصرار لدى الرجل على احتكار المشهد في الجوف دون أي منازع، حتى وإن كان من قيادات جماعة الإخوان التي كانت تقدمه كقائد لمقاومة الجوف كالحسن أبكر، الذي غادر البلاد نحو تركيا. 

ومع مشهد السقوط المريع الذي تعرضت له جبهات الشرعية مطلع عام 2020، وسقوط محافظة الجوف بالكامل بيد مليشيات الحوثي، بما فيها العاصمة الحزم التي سقطت في مارس منذ ذات العام، سارع أبكر إلى تحميل العكيمي مسئولية سقوط المحافظة، متحدثاً حينها عن صدور أوامر بالانسحاب إلى قوات الجيش والمقاومة من أمام مليشيات الحوثي، في اتهام ضمني منه للعكيمي بتسليم المحافظة بدون قتال. 

أبكر جدد تحميله للعكيمي مسئولية سقوط الجوف بيد الحوثي في فيديو مصور بثه على صفحته في "الفيس بوك"، الأحد الماضي، للرد على البيان الذي أصدره العواضي مؤخراً، وكان لافتاً الاعتراف الضمني الذي ورد في حديث أبكر برفض العكيمي لقرار تغييره وتعيين العواضي بديلاً عنه، حيث أشار إلى أنه وصل إلى السعودية مؤخراً وأنه يعمل على التوسط بين العكيمي والعواضي. 

كما كان لافتاً الإقرار الذي أدلى به أبكر والاعتراف بأن الصراع الذي تشهده الجوف هو صراع حول "الأموال والجبايات"، كما تطرق الرجل إلى الخلاف السابق مع العواضي حول الرسوم التي فرضها على المشتقات النفطية، مؤكداً أن مطالب جماعته "الإخوان" حينها كانت تنحصر في فرض أحد عناصرهم ضمن اللجنة المكلفة بتحصيل هذه الرسوم وكذا فرض تعيينات لأسماء محددة من بينهم نجله عبدالله، وأنه تقدم بذلك في رسالة للعواضي بخط يده. 

ما يقوله أبكر، يمكن اعتباره شهادة تختصر ملامح الصراع الذي تخوضه جماعة الإخوان ضد العواضي وضد كل القوى والشخصيات في المناطق المحررة، كصراع على النفوذ والأموال، حتى وإن سقطت جغرافيا البلاد بأكلمها بيد ميلشيات الحوثي، فنظرتها للسلطة والمسئولية الإدارية وكذا للمعركة ضد مليشيات الحوثي لا تعدو عن كونها مجرد "مورد للأموال" لا أكثر.