فروا من الموت لجحيم التشرد.. "نيوزيمن" يرصد معاناة نازحي مقبنة بالحديدة

المخا تهامة - Monday 03 April 2023 الساعة 12:13 pm
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

في خيمة مهترئة ومتهالكة يعيش النازح أحمد سالم سعيد، مع أسرته حياة قاسية داخل أحد مخيمات النزوح في محافظة الحديدة، غرب اليمن. 

لم يهنأ النازح في تلك الخيمة بالنوم الهادئ الذي اعتاد عليه مع أطفاله وأسرته في منزلهم الذي شردوا منه، ولا يحصلون أيضاً على طعام يسد رمق جوعهم إلى جانب حرمانهم من أبسط الحقوق والاحتياجات الضرورية.

وأحمد، هو رب أسرة لثلاثة أطفال، أجبر مع أفراد أسرته على النزوح القسري من قرية جبل البراشة في ريف مديرية مقبنة غربي تعز. فارين من بطش وقذائف مليشيا الحوثي الإرهابية التي تحط على منازلهم بشكل عشوائي وإجرامي دون التفريق بين المناطق المدنية والعسكرية.

باتت أسرة أحمد اليوم من ضمن مئات الأسر النازحة والمنسية في مديرية حيس بمحافظة الحديدة. والتي تعيش أوضاعا صعبة خصوصا في شهر رمضان الفضيل.

النجاة من الموت

يقول النازح أحمد سالم سعيد لـ"نيوزيمن": إنه اضطر للنزوح مع أفراد أسرته في يناير الماضي، جراء القصف العشوائي الذي تشنه مليشيا الحوثي على منزله ومنازل الأهالي في قريته. موضحا: "غادرنا المنزل تاركين وراءنا كل ما نملك للنجاة بأرواحنا من الموت المحقق".

استقر أحمد وأسرته مؤخرا في خيمة مهترئة بمدينة حيس المحررة، ليكابد معها الحياة بصعوبة في ظروف إنسانية قاسية ومكان مُزْرٍ غير صالح للحياة.

نكابد الحياة للعيش

أضاف بحرقة ومرارة لـ"نيوزيمن": نحن لا نملك شيئا، وليس لنا أي مصدر دخل يوفر قوتنا الضروري، ولا نملك حتى قيمة طربال لتغطية الخيمة التي لم تعد صالحة للسكن ولا تقينا حرارة الشمس ولا المطر، ولم تقدم لنا أي منظمة مساعدة، سواء فرشا للنوم أو مواد غذائية أو أيا من مقومات الحياة أو مواد عينية أو إيوائية.

تفاقم المعاناة 

ويعيش النازحون من أهالي ريف مقبنة الذين نزحوا مؤخرا إلى مناطق محررة في الحديدة وغربي تعز معاناة كبيرة. وتضاعفت هذه المعاناة بشكل خاص مع الأسر التي نزحت إلى حيس، خصوصا مع دخول شهر رمضان المبارك. فلا تملك تلك الأسر غذاءً ولا دواءً ولا مأوى صالحا للعيش. 

الكثير من الأسر التي التقى بهم مراسل "نيوزيمن": "أكدوا أنهم لا يستطيعون العودة إلى منازلهم التي تتعرض للتدمير جراء القصف الحوثي، إلى جانب فقدانهم سبل كسب عيشهم التي كانوا يعتمدون عليها". موضحين أن واقعهم بات مأساة حقيقية بعد أن أصبحوا في لحظة ما مشردين في العراء ليس لهم أي ملجأ يحتضنهم أو يأويهم.

إحصائية نزوح 

وبلغ عدد الأسر النازحة التي أجبرت على النزوح القسري من ريف مقبنة غربي تعز خلال شهري يناير وفبراير الماضيين إلى حيس أكثر من 350 أسرة، بحسب إحصائية حديثة عن الوحدة التنفيذية لشؤون النازحين بمحافظة الحديدة.

وقال جمال مشرعي مدير الوحدة التنفيذية لشؤون النازحين بمحافظة الحديدة في تصريح لمحرر "نيوزيمن"، إن أعداد النازحين من مديرية مقبنة تعز إلى مديرية حيس تزايدت بصورة كبيرة خلال الأشهر الثلاثة: يناير وفبراير ومارس من هذا العام 2023.

وأكد أن المواطنين في مقبنة أجبروا على النزوح الإجباري جراء ما تعرضوا له من قصف غير مبرر بالطائرات المسيرة وغيرها من الأسلحة من قبل المليشيات الحوثية. موضحا أن تلك الأسر تركت كل ما تملك خلفها هربا من الموت، ولم يجدوا أمامهم إلا اللجوء إلى مديرية حيس بمحافظة الحديدة أقرب المديريات المحررة لهم.

مواقف نبيلة 

وعبر جمال مشرعي، عن شكره لأبناء حيس على مواقفهم النبيلة والشهامة والرجولة وإكرام الضيف وقيام البعض منهم بفتح منازلهم وبيوتهم وأحواشها للنازحين.

ودعا مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بالحديدة المنظمات الدولية والمحلية والجمعيات والمؤسسات إلى سرعة إغاثة هؤلاء النازحين الذين أصبحوا لا يملكون غير الملابس التي يرتدونها. مشيرا إلى أن الاحتياجات الإغاثية المطلوبة العاجلة هي: حقائب طارئة وخيام المأوى وغذاء ومواد إيواء من فرش وبطانيات وأدوات مطبخ وحمامات، ومساعدات مالية لعدد 350 أسرة نازحة، بالإضافة لحاجتها لنحو 2100 لتر يوميا من مياه شرب و4900 لتر يوميا مياه للاستخدام اليدوي.

وتعاني أكثر من 20 ألف أسرة في مخيمات النزوح في مديريتي الخوخة وحيس بمحافظة الحديدة من الافتقار لأبسط الاحتياجات ونقص في الغذاء والإيواء وغياب الرعاية الصحية في ظل ظروف معيشية صعبة نتيجة تخاذل المنظمات الدولية الإنسانية وعدم القيام بواجباتها تجاه النازحين.

وحسب تقارير الأمم المتحدة فإن 4.3 مليون يمني نازحون داخل البلاد جراء الحرب التي أشعلتها مليشيا الحوثي الإرهابية منذ أكثر من ثماني سنوات.