أعظم ما قدمته المملكة العربية السعودية لأمة الإسلام هو حماية الحرمين الشريفين من الصراعات المذهبية والطائفية والفرق والجماعات السياسية، تلك الآفة المزمنة منذ فجر الإسلام.
خدمة جليلة، لا ينكرها إلا الطائفيون الموغلون في دماء المسلمين، والراغبون في المزيد منها.
خدمة عظيمة وتاريخية، لأمة تكفر بعضها بعضاً لمواقف سياسية وتقتل بعضها بعضاً، وتخرج كل فرقة وجماعة خصومها من المسلمين من ديارهم وتهجرهم إلى ما تسميه بلدان الكفر والنصارى، وتأسر بعضها بعضاً بلا رحمة ولا عطف.
أمة نخرتها الصراعات الدموية التي لم تستثنِ حتى المساجد ودور العبادة ولا استثنت الأعراض والحرمات وكل مقدس وحرام.
إن جهاد المملكة العربية السعودية من أجل جمع كل طوائف الأمة المتناحرة في جغرافيا الحرمين، تحت قانون واحد هو قانون التعايش والاعتراف بالتنوع وترك الانتماءات السياسية وويلاتها ونسيانها على الأقل لفترة زمنية وجيزة وفي جغرافيا مقدسة لديهم جميعاً.
جهاد وكفاح عظيم ومحاولة مستمرة لإرسال رسالة تقول لهذة الأمة التي مزقها الخلاف والاختلاف والتكفير وسفك الدماء: يمكنكم أن تتعايشوا جميعاً دون سفك للدماء ودون عنف وبلا فرض أي منكم فكره ومذهبه وعقيدته على أخيه.
درس يقول: إن التعايش واعتراف كل منكم بأخيه ممكن مع بقاء اختلاف طوائفكم ومذاهبكم وفرقكم وها أنتم في الأرض المقدسة والحرمين تصنعون النموذج.
ماذا لو نُقلت الصراعات المميتة في هذه الأمة إلى الحرمين؟ ماذا لو رفعت كل طائفة شعاراتها السياسية والمذهبية؟ ماذا لو تركت هذه الطوائف والفرق تفعل ما تراه الحق وغيرها الباطل كما تفعل في بلدانها؟
لا يحتاج عاقل للإجابة على هذا السؤال، لأن النتيجة ليست خيالاً علمياً وإنما واقع معيش مخز ودموي تعيشه أمتنا على امتدادها في كل ارض.
واقع مثقل بعشرات القرون من الدماء والأحزان والحروب والتكفير وادعاءات الحق الإلهي وامتلاك الصواب، تحت شعار نوالي من يوالينا ونعادي ونقتل من يخالفنا.
اليوم تريد هذه الطوائف الشيطانية التكفيرية نقل صراعاتها وشعاراتها وفرض نفسها على كل من يخالفها، ليسيل الدم أنهاراً في باحات المسجدين الحرام، وطرقات المشاعر المقدسة.
ويعتبرون منعهم عن هذا الفعل الإجرامي، كفرا بواحا ومنعاً لشعائر إسلام خاص بهم، يقدس الطائفة ورؤوسها وشعارها، لكنه لا يقدس الدماء.
حفظ الله المملكة العربية السعودية وبارك جهدها وجهادها حكاماً وشعباً، والخزي والعار لطوائف الشيطان وفرق الدم، ورايات الاحتراب.
من صفحة الكاتب على إكس