أطفال كبروا قبل أوانهم.. "سرويس السنافر" حلم صغير وكفاح مستمر

السياسية - Thursday 03 September 2020 الساعة 11:44 am
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

حال محمد، والبراء، ومختار، أبناء محسن أحمد العودي، لا يختلف كثيراً عن آلاف الأطفال اليمنيين، ممن كبروا قبل أوانهم خلال سنوات الحرب ووجدوا أنفسهم في شوارع المدن يعملون في مهن متفرقة وبعضها خطرة، وذلك من أجل توفير بعض الأموال البسيطة لإعالة أسرهم المعدمة.

محمد، والبراء، ومختار، ثلاثة من أطفال اليمن الذين ضربوا أروع الأمثلة في الكفاح وتحمل المسؤولية رغم صغرهم، ففي اليمن لا تفرق الأوضاع المأساوية التي يعانيها المواطنون منذ قرابة 6 أعوام، بين صغير وكبير، وفرضت واقعا صعبا خصوصاً على الأطفال وحولت الكثيرين منهم لمعيلين لأسرهم جراء وفاة الأب أو انقطاع المرتبات التي زادت من وطأة الفقر.

(سرويس السنافر) هذا هو الاسم الذي اختاره الأخوة الثلاثة للحصول على دخل يمكنهم من العيش، بعد أن توقف عمل والدهم، والذي يعاني من مشاكل صحية. 

يقول محمد، 12 عاما، لـ"نيوزيمن"، نحن نسكن في منزل بالإيجار في محافظة صنعاء، ونريد أن نساعد والدنا، ففكرت أنا أولاً بأن أقوم بغسل السيارات في جولة المصباحي بعد أن أنتهي من مدرستي كوني أدرس في الصف الثامن.

أما البراء، 11 عاما، ويدرس في الصف السادس، فيقول، لم تكن عملية غسل السيارات مجدية في الجولة، لأن هناك منافسين كثر ممن هم أكبر منا عمراً أكثر قوة، ولكننا في النهاية اهتدينا إلى أن نعمل سرويس وكان الأمر صعبا، خصوصاً أننا لا نملك المال الكافي لذلك.

ويفيد أحد جيران الأطفال الثلاثة -يملك محل دعاية وإعلان- بأنهم حين أخبروه بفكرتهم أخبر بقية الجيران، وقاموا باستلاف خزان الماء من جارهم المحفدي، وانا قمت بعمل لوحة البنر دعماً وتشجيعاً لهم، أما قيمة ماطور الهواء الصغير فقد حصلوا على قيمته بعد عناء شديد من خالهم المغترب في السعودية وبعد انتظار أكثر من شهر ونصف.

حلم صغير

يقول الأطفال إن كل ما يحلمون به الآن أن يتوفر لهم قيمة خزان ماء خاص بهم، وقيمة آلة حرارية للسرويس خصوصاً وأن ماطور الهواء الذي يعملون به الآن صغير ولا يفي بالغرض إلا أنهم من خلاله يستطيعون توفير إيجار منزلهم وبعض المصاريف المنزلية.

يقول محمد، ما نحتاجه ونحلم به أن يكون لدينا آلة حرارية قيمتها الآن (270.000) ريال، وهذا مبلغ خيالي بالنسبة لنا.. لكن بإذن الله يأتي اليوم الذي تكون هذه المكينة معنا، ونقدم خدمة محترمة للزبائن خصوصاً أولئك الذين شجعونا والمتعاطفين معنا.

من جانبه يقول مختار، وهو أصغرهم، 10 أعوام، يدرس في الصف الثالث، نحتاج لبطارية ولوح طاقة شمسية ولمبات إضاءة حتى يرانا الناس ويلتفتوا إلينا خصوصاً من بعد المغرب، لأننا أصلاً في زاوية مظلمة ولا أحد يرانا بسهولة عندما يحل الظلام.

وبين براءة الطفولة المعدومة في بلادنا، والكفاح الذي فرضته الحياة وظروفها، تبقى مليشيا الحوثي هي الخوف والهاجس الأكبر جراء الإتاوات التي تفرضها على كل من يملك مصدر دخل حتى وإن كان متواضعا وصغيرا، وهذا ما لمسناه من الأطفال الذين ردوا على سؤال نيوزيمن عن ضرورة أن يكون لهم "هنجر" أو طربال يقيهم الشمس والمطر، فكان ردهم "ما نشتيش نلفت نظر البلدية إلينا، لأنه كل يوم بيجو لهنا يتهبشونا ونطلع بلا فائدة".