بسبب العادات والتقاليد توارت خلف الشمس أحلام فتيات الأرياف بالتعليم

السياسية - Monday 01 March 2021 الساعة 10:47 am
صنعاء، نيوزيمن جلال محمد:

حرمان الإناث من حقّهن في التعليم يعني حرمانهن من المعرفة، وكذلك حرمانهن من التمكين الاقتصادي وإبقاء الفتاة في حالة تبعية دائمة للرجل، سواءً كان أباً، أو أخاً، أو زوجاً، فلا تزال بعض أرياف اليمن تعاني من ظاهرة عدم المساواة بين الجنسين في مجال التعليم، فقد توارت خلف الشمس أحلام ومستقبل العديد من الفتيات اللواتي وقع عليهنّ قصاص الحرمان من التعليم وفق الشريعة والعادات والتقاليد. 

بين خمسة إخوة ولدت "م. أ" في منطقة ريفية شمال العاصمة صنعاء، لم تستطع أي واحدة من أخواتها الثلاث أن يكملن تعليمهن لأكثر من الصف السادس، لتقرر أسرتهن إبقاءهن في البيت والقيام بالأعمال المنزلية والزراعية وتربية المواشي ومن ثم تزويجهن في سن مبكرة.

إخوان "م. أ" الذكور نالوا حصتهم من التعليم، الأمر الذي دفعها للمحاولة بأن لا ترضى بنصيب أخواتها الفتيات، فلم تكن قد اكتفت بهذا القدر اليسير من التعليم، ولكن أفراد أسرتها من الذكور -إخوتها ووالدها وأعمامها- رفضوا ذلك وحالوا بينها وبين حلمها.

تقول: "أتذكر مرة من المرات أني رحت أسجل مع مجموعة من البنات إلى المدرسة الواقعة في القرية المجاورة، إلا أن أبي قام بإرجاعي من منتصف الطريق وقال "مانشتي دراسة ولا شيء" ورجعني على البيت، رجعت يومها وأنا مقهورة وأبكي بحرقة، إلا أنه وافق أخيراً بعد إلحاح كبير، درست فترة ومنعني من مرة أخرى".

وفي صورة من أبهى صور الكفاح من أجل نيل حلم التعليم، تعمل "م. أ" كل ما يطلب منها من الأعمال المنزلية مقابل السماح لها بالذهاب إلى مدرسة تحفيظ القرآن الكريم، والتي اتخذتها حجة، فهناك تلتقي بزميلاتها في الدراسة وتقرأ معهن دروسهن المدرسية من رياضيات وعلوم ولغة عربية وإنجليزية، ولكن كما قالت "أقرأ وأذاكر معهن بس هن يدرسن ويأخذن الشهادة أما أنا لا!". 

يتجدد الأمل وينتعش حلم "م. أ" بالتعليم، بعد خلاف كبير نشب بين والدها وإخوته، اضطر للسفر إلى صنعاء والسكن فيها، لتبدأ مرحلة جديدة.. وتحكي: "لمن سكنا في صنعاء حاولت أن أسجل صف سابع، كون التعليم في المدينة متاح وموجودة مدرسة قريبة، فكان أول اعتراضهم بسبب أنه أنا كبيرة ولو كان واصلت دراستي كنت الآن بالصف الأول الثانوي، ورغم ذلك لم يتسلل اليأس إلى قلبي فحاولت أن أسجل منازل بعد أن ذهبت للمدرسة وشرحت للمديرة ظروفي ووافقت لأبدأ دراستي في 2016م، وتمكنت لله الحمد من الدراسة، واليوم أنا في الصف الثاني الثانوي فعلاً.

في وقت لاحق وبعد سكن الأسرة في المدينة ومعرفة والدها وإخوانها لأسر كثيرة علمت بناتها وأصبحن هؤلاء البنات هن من يساعدونها على مصاعب الحياة ومتطلباتها نتيجة العلم الذي وصلن إليه، وافق والد "م. أ"، كما قالت، بأن تدرس لغة إنجليزية بأحد المعاهد، شرط أن تذهب مع بنت جارهم وتعود معها، إلا أنها لم تكمل المعهد فيما بعد أيضا..