خالد سلمان

خالد سلمان

تابعنى على

التشظيات وصراع المشاريع في اليمن

Monday 26 December 2022 الساعة 07:42 am

التشظيات هي السمة الأبرز الآن، ودغدغة المشاعر أو صناعة الوعي الزائف هي الأُخرى سمة يمكن ملاحظتها في صراع المشاريع في اليمن. 

إن أردت انفصالاً صنعوا لك داخل الانفصال انفصالات جهوية متعددة، هذا ما نشهده اليوم من سرقة خطاب الانتقالي أو بالأصح محاولة نحره، فإذا كان استعادة دولة الجنوب هو الشعار الرئيس منذ الحراك الجنوبي وحتى الانتقالي، فإن الشعار ذاته وبصورة مقزمة وبنوايا مغايرة، يتخلق اليوم على مستوى حضرموت، بانفصال حضرموت عن حاضنتها الجنوبية وإعلانها دولة مستقلة، في مفارقة لا تتسق مع هدف الشعار المعلن، حيث جوهر هذه الدعوات تتصادم مقدماتها مع النتائج، الدعوة لسلخ حضرموت والانفصال عن الجنوب، ومن ثم الاتحاد أو الانضواء الكلي تحت دولة مركزية موحدة، عاصمتها ومركز حكمها صنعاء أياً يكون الطرف الحاكم!

ما يحدث اليوم في حضرموت هو صناعة مفبركة لأجسام موازية والذهاب بالمطالب بعيداً، من دولة جنوبية إلى دويلة في خاصرة الجنوب، ويبقى الهدف تفريغ الحراك المدني الحقيقي في حضرموت من عنفوانه، ورمي قنابل دخان لمضاعفة صعوبة تحديد الأولويات ووجهات السير، وخلق أسئلة ملتبسة مع من وكيف وإلى أين؟

فالحراك الحقيقي يدعو إلى انسحاب قوات المنطقة الأولى، والجسم المخلق يدعو إلى استقلال حضرموت بأدوات ودبابات المنطقة الأولى! وهنا تكمن المفارقة الدالة على عدم أصالة أصحاب هذه الدعوة، وحقيقة انتمائهم لمرجعيات سياسية غير ذي صلة بحضرموت ناساً وتطلعات.

مرجعيات عبارة عن أحزاب دينية تؤمن بالخلافة كهدف، ولا تؤمن بالوطن كخيار نهائي، ناهيك عن حضرموت دولة مستقلة. 

ولأن السياقات مترابطة، والصراع يحتدم على أكثر من جهة ومستوى، فإنه لا يمكن فصل عدم استجابة رعاة اتفاق الرياض، بتنفيذ بند سحب القوات إلى ساحة المواجهة مع الحوثي ومنها المنطقة الأولى، وبين وجود فقاعة دعاة حضرموت دولة ذات سيادة، وصفقات الحلول النهائية الإقليمية الدولية، التي لا تلبي الحد الأدنى من مطالب الجنوب.

هذا التشابك يسعى للوصول إلى ممارسة الضغط على مشروع الانتقالي، ووضعه بين مطرقة الداخل المفتوح على احتمالات متعددة، وسندان الخارج، بصناعة كماشة تفتح أمامه قوس خيار قبول التعاطي مع القضية الجنوبية كمظلمة تُعالج في سياق كل مظالم اليمن، ولا شيء آخر على الطاولة، لا دولة مستعادة ولا حتى إقليم في يمن مكون من إقليمين، وإبقاء نموذج استقلال حضرموت للترويض، شبحاً يحوم في سماء كل المحافظات الجنوبية، وخاصة تلك ذات الميول الانعزالية في مناطق الثروات. 

حضرموت دولة مستقلة، مجرد هراوة ابتزاز وفقاعة وشق صف ليس إلا.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك