خالد سلمان
احتواء الحوثي عبر مسبحة تنازلات لن يقوض مخاطره وينزع مخالبه
مع أنها لا تلحق الأضرار بالسفن التي تقصفها، وتتجنب الإصابة المباشرة عن عمد وسابق إصرار، إلا أن مجرد التفكير بتهديد ممرات الملاحة الدولية، يضع الحوثي في خانة عالية المخاطر، يستوجب التعامل معه لنزع فتيل هذا الخطر، مع ترك تحديد الموعد لصانع القرار السياسي الأمريكي.
يستمر الحوثي في رفع اللوحة الإعلانية الدعائية، في سوقه السياسي الداخلي، ويعلن لقواعده أنه الأقوى وبمقدوره محاربة العالم، ولم يقل لهم ماذا يعني ضرب اليمن وتدمير بنيته الضعيفة ومضاعفة المعاناة، وإدخال البلاد في عزلة دولية مطبقة، وخارج الدورة الاقتصادية للمنطقة والإدماج في المنظومة الدولية.
صنعاء نقلت على لسان ناطق مجهَّل، استعدادها ووضعها الخطط اللازمة لمواجهة التواجد الأمريكي، وضرب مصالحه في كل الخليج والبحرين الأحمر والعربي، وفي رسالة استعراض قوة أبرز اجتماع الحديدة لقادة الأسلحة كخلفية في القاعة، خارطة بعلامات تشمل بنك الأهداف المفترضة.
الحوثي لا يعنيه اليمن ولا مصالح اليمن ولا الآثار المترتبة على قصف اليمن، وكأنه ليس من هذه البلاد وإن واجبه المفترض هو رسم السياسات التي تخدم سلم البلاد ويدير حساباته السياسية والعسكرية، من واقع حسابات الربح والخسارة على ملايين الواقعين قسراً تحت سلطته، هو في كل سياساته التصعيدية مجرد لسان حال المصالح الإيرانية تصعيداً وخفضاً في التصعيد، وحامل رسائل يعزز الفرضية الإيرانية بأن البحر الأحمر وقوس الثروات معقل تواجد له ومنطقة نفوذ وأمن قومي إيراني.
خطة الجحيم التي أسماها المصدر الحوثي المجهل، تجعل كل حقول النفط في السعودية والإمارات في قلب بنك الأهداف إلى جانب القواعد الأمريكية، وكل المدن الكبرى المتماسة مع محيطه الجغرافي، ما يعني أن الحوثي بالتسوية السياسية ومن دون التسوية لا أحد سيضمن استقرار داخله، وسلامة إجوائه وأراضيه، طالما بقي هذا الخطر قائماً وفي حالة تحفز لإشعال المنطقة بحرائق تستدعيها لحسابات مصالح إيران.
التبسيط في النظر لكيفية احتواء الحوثي عبر مسبحة تنازلات، لا يؤدي إلى تقويض مخاطره ونزع مخالبه، بل يعظم من خطر لا يُنزع فتائله، إلا بطريقة: إن لم تستعد أنت كداخل ومنطقة وعالم، للذهاب إليه لن يعدم وسيلة للمجيئ إلى عقر أمن تلك الدول.
اليمن محتلة فعلياً من قبل إيران، والحوثي أداتها الرخيصة غير المكلفة، ولعل من يمتلك الرؤية الاستراتيجية الشاملة للمنطقة، يفكر جدياً أن يحارب إيران في اليمن، وكأن قدرنا أن تحترب المصالح الإقليمية الدولية في هذه الرقعة، المثقلة بوزر المغامرات الانقلابية بتبعاتها الدامية، وبعقلية الاستقواء على الداخل بالأجنبي، والمضي بخوض حروب الإنابة، حروب تمد من عمر الحوثي باستدعاء الخارج، وتطيل معاناة ملايين المتعبين الجوعى.
خطة الجحيم التي أطلقتها إيران عبر الحوثي، ستصنع لهذه البلاد جحيمها الخاص، في ما سيذهب حصادها بعيداً عن الجميع أعني قاطني اليمن، بمن فيهم أطراف أساسية في مربع الصراع.
النتيجة الحتمية أن موجات مواجهات تطرق الأبواب بقوة، وبحمية سنة أولى حرب.
* من صفحة الكاتب على إكس